٦ أكتوبر ٢٠٠٠

منذ مدة كان لدي الموقف التالي. وهو أنني طالما لم أنساق وراء الشر وكنت قادرًا على تحمل آثاره السيئة، كان كل شيء على ما يرام. وطالما تمسكت بالاستقامة، لم يعد الشر يعني لي شيئاً. وكان لهذا الفهم المحدود أثر على ممارستي وعلى فهمي لعملية تصحيح الفا وعلى الوضع في الصين. أدركت أننا بالفعل نندّد ونعلن أن قوى الشر في الصين فظيعة وأننا محقون فيما ندّعي ومنصفون ونكشف الانتهاكات والجرائم وأن ذلك كافٍ. في النهاية أنا قبلت وجود الشر بقلب مطمئن معتقدًا ان ذلك مظهر من مظاهر( رن) الصبر، وغاب عن ذهني موقفي السلبي وغير المناسب. في أعماق قلبي، لم أجرؤ على أن أخطو خطوة إلى الأمام مصرّحاً بضرورة تدمير الشر والقضاء عليه. إثر ذلك عانيت الكثير من الكارما الفكرية وأدركت حينها أنني أتعرض لاختبار يخص إصراري وعزيمتي لمنحي فرصة أقويّ بها الوعي الرئيسي لدىّ. وتحملت هجمات الكارما الفكرية كما قلت آنفا، محاولًا الحفاظ على قلب هادئ وفصل نفسي عن هذه الأفكار السيئة، مع العلم أنها ليست أنا، معتقدًا أنني إذا انفصلت عنها، فسيكون هذا كل شيء وأن المعلم سيقضي عليها. لكنها لم تكفّ عن مراودتي. في الواقع، كان لدي نفس الموقف السلبي تجاه كارما الأفكار الشريرة كما هو الحال في فهمي لتصحيح الفا. كنت خائفًا بطريقة ما من أن القضاء على الشر بشكل فعال سيكون عملاً "عدوانياً" وليس عملاً من أعمال الرحمة. من فكرة عدم الرغبة في إيذاء أي كائن حي، بقي هناك أثر لفكرة خاطئة مفادها أن الرغبة القوية في تدمير الكارما والشر لم تكن رحيمة أو متسامحة، حيث أُدرجت الكارما والشر كأشكال حياة. يقول المعلم لي في "شرح الفا" في كتاب (النقاط الأساسية للتقدم بجدٍ): "يجب أن تكون على بيّنة أيضًا من أن ما يُسمّى بـ"طبيعيّ" غير موجودٍ، وما يُسمّى بـ"حتميّ" لهُ أسبابٌ وراءه. في الواقع، يلجأ الأشخاص العاديّون إلى كلمة "طبيعيّ" بشكلٍ غير مسؤولٍ لإغلاق الموضوع عندما لا يكونون قادرين على شرح ظواهر الكون والحياة والمادّة. هُم لا يمكنُهم تصوّر ما هي "الطبيعة" في حدّ ذاتها. تحت تأثير هذا النوع من المفاهيم، أنت تعتقدُ أنّ كلّ هذه المِحن لا مفرّ منها وأن هذا ما هو عليه الحال، وبالتالي تطوّرُ موقفًا سلبيّا ومُتشائمًا تظن معه انه ليس بإمكانك فعل أي شيء". بعد تبادل وجهات النظر مع الآخرين واطلاعي على بعض المقالات خصوصا آخر المقالات على موقع مينغهوي تغيّر فهمي واتضح    لي الأمر. لا يكفي أننا ندرك أن الشر فظيع وأن الخير هو الحق وأننا أخيار ونتفادى الشر والأشرار، بل يجب علينا التيقن من أن الشر لا مكان له عندنا وينبغي مقاومته وتدميره بكل الطرق. عندما تظهر كارما الأفكار، لا أتهاون معها أبداً، ومع العلم أنها ليست أنا، فلا مجال لانتظار المعلم لإزالتها كما فعلت من قبل، بل أصبحت أستجمع كل قواي وعزمي لتدميرها من كل قلبي. لقد تبين لي أن الجانب الشيطاني في نفسي هو الذي يتيح لها فرصة الوجود. في السابق، كان تصميمي على القضاء على الشر يعوقه العديد من المفاهيم السلبية وغير الصحيحة. الآن لم أعد متقاعساً مثل السابق، فأنا مندهش من الإصرار والقوة الكامنين وراء رغبتي في القضاء على الشر. وكلما زاد هذا الإصرار، كلما أصبح ذهني صلبًا مثل الألماس وأشعر أن حركة واحدة من عقلي يمكن أن تكسر الجبال إلى نصفين. أفهم الآن عبارة "غضب الآلهة" بشكل أفضل. لا يتعلق الأمر بالغضب البشري والتعصب والانتقام وما إلى ذلك. إنه القضاء العادل والنبيل على كل ما يتعارض مع خصائص الكون، جين شان رن ولم يعد يستحق البقاء فيه.

ينعكس هذا التغيير على فهمي لعملية تصحيح الفا للكون وعلى دورنا فيها. يجب ألا نسمح للمفاهيم السلبية القديمة أن تترك ثغرات في أذهاننا، وبسبب موقفنا السلبي، نسمح للشر بالاستمرار في الوجود. إن ملاحظة الشر بشكل سلبي يعني الموافقة عليه وتشجيعه. إذا كنا نعتقد أن الشر ضروري ويجب أن يوجد، تحت أي عذر، فإنه سيكون موجوداً، سواء في أذهاننا أو في الكون. نحن لسنا مسؤولين فقط عن تطورنا الروحي، وتحقيق طبيعة بوذا والقضاء على طبيعتنا الشيطانية، نحن مسؤولون أيضًا عن دورنا في القضاء على الطبيعة الشيطانية للكون. ببساطة أليست هذه عملية تصحيح الفا؟

يجب علينا القضاء التام على كل القوى الشيطانية التي تترصد للفا سواء كانت داخل أو خارج أنفسنا لا فقط لصالح تطورنا الروحي وإنما رحمة بكل الكائنات.     ممارس أوروبي في المملكة المتحدة
٢٧ سبتمبر ٢٠٠٠-------------------------------------------------------------------------

"الفهم جيد جدًا. فيما يتعلق بإظهار كارما الفكر، والضرر الذي أحدثته لنا قوى الشر، وتوضيح الحقيقة للناس، فإننا نقضي على الشياطين بشكلٍ فعّال بدلاً من التغاضي عنها أو تحملها بشكل سلبي؛ ولكن يجب أن تتسم أفكارنا وأفعالنا بالطيبة و الإحسان.
لي هونغجي
٥ أكتوبر ٢٠٠٠