(Minghui.org) في خضمّ صخب الحياة اليوميّة، غالبًا ما نفترض أنّ علاقاتنا بالآخرين ليست سوى لقاءات ومصادفات عابرة. ولكن عندما يجتمع الإخلاص واللطف، فإن تحوّل قلب واحد يمكن أن يُلهم عدداً لا يُحصى ليستيقظوا. بدأت هذه القصّة في مكان عملي المألوف - مكان أبذر فيه بذور اللطف بهدوء.
قبل أربع سنوات، دفعني تغيير في وظيفتي إلى مغادرة مكان عملي السابق. والآن وبعد عودتي، أشعر بتأثّر حقيقيّ بالابتسامات الدافئة والترحيب الحارّ من زملائي القدامى، ممّا جعلني أُدرك كم افتقدتُ هذا الشعور بالانتماء. أعلم في أعماقي أنّ هذه الصداقة ليست صدفة، بل نابعة من تقدير الجميع لإسهاماتي السابقة والتزامي بمبادئ الحقّ ـ الرّحمة ـ الصّبر.
بالعودة إلى بيئة مألوفة، تساءلتُ ما الذي يعنيه هذا اللقاء وهذه المصادفة في تعهّدي. وسرعان ما تكشّف الجواب.
تجربة رائعة مع مساعدة الممرضة
في ظهيرة أحد الأيّام، خلال نوبتي، سمعتُ "بيانيت"، مساعدة ممرّضة هندية شابّة، تشكو قائلةً: "لم أعد أستطيع فعل هذا. ظهري يؤلمني بشدّة لدرجة أنني لا أستطيع النوم ليلًا". شجّعها زملاؤها على زيارة طبيب أو تجربة العلاج الطبيعي، لكنّها هزّت رأسها قائلةً: "لا جدوى. لقد جرّبتُ كل ما يخطر ببالي".
بعد أن تفرّق الجميع، اقتربتُ منها وسألتها: "هل ترغبين بممارسة الفالون دافا؟" شرحتُ لها مبادئ الفالون دافا وشاركتُها بعض تجاربي الخاصّة الإيجابيّة. لدهشتي، وافقت على الفور قائلةً: "أصدقكِ. تبدين شابّة ونشيطة. حتّى قبل وصولكِ، كنتُ قد سمعتُ عنكِ أشياء طيّبة".
بعد ظهر يوم الثلاثاء، أحضرت ابنة أختها إلى موقع التدريب الجماعيّ. على الرغم من حركاتها الغير واثقة، ثابرت على أداء التمارين الخمسة. بعد ذلك، ذكرت أنّها شعرت بألم في كتفيها خلال قيامها بالتمرين الثاني.
في اليوم التالي، في العمل، استقبلتني بحماس وقالت: "بعد عودتي إلى المنزل أمس، اختفى الألم في كتفي وأسفل ظهري تمامًا، ونمت نومًا عميقاً الليلة الماضية". بدت بشرتها ناعمة ومشرقة، حتّى أنّ زملاءها في العمل ظنّوا أنّها استبدلت مكياجها بمستحضرات أخرى.
وبينما كانوا يتحدّثون، مرّت ريمي، مساعدة ممرّضة أخرى، مفتونة بتحوّل "بيانيت". ذكرت ريمي أنّها تعاني أيضًا من ألم في أسفل الظهر وترغب في تعلّم التمارين. في الأسبوع التالي، حضرت إلى موقع التدريب، وأحضرت "بيانيت" معها ابنة أخت أخرى وشقيقها. بعد ممارسة التمارين، قال الجميع إنّهم شعروا بتحسّن كبير، وأنّ ألم أسفل ظهر ريمي قد اختفى.
تأثّر قلب ريتا
في ظهيرة أحد الأيّام، مع اقتراب نهاية يوم العمل، كانت "بيانيت" وعدد من زملائها يناقشون موظّفة من نوبة الصباح، ويشتكون من كسلها ومكرها. ريتا ـ القادمة من نيبال - جلست بصمت دون أن تنبسّ بكلمة.
بعد أن غادر الجميع، اقتربتُ من "بيانيت" وسألتها بلطف: "هل بدأتِ تعلّم هذه الممارسة؟" أجابت بخجل: "لقد كنتُ مشغولة جدًّا مؤخّرًا". ثمّ سألتني بفضول: "كيف عرفتِ؟" شرحتُ لها: "مبادئ هذه الممارسة هي الحقّ ـ الرّحمة ـ الصّبر. يعيش الممارسون حياتهم وفقًا لهذه المعايير، ممّا يعني أنّنا لا نتحدّث عن الآخرين من وراء ظهورهم. عندما تدرسين الفا، ستفهمين بشكل طبيعي أشياء كثيرة وكيفيّة التصرّف الصحيح".
بعد أن غادرت "بيانيت"، دخلت ريتا مكتبي بمفردها وهمست: "هل يمكنني التحدّث إليكِ؟" ابتسمتُ بحرارة وأجبت: "بالتأكيد، يسعدني دائماً الحديث ومشاركة الآخرين".
أخبرتني عن طفولتها البائسة وكيف فقدت والديها، وأنّه رغم قسوة الحياة، ظلّت طيّبة القلب. شرحتُ لها مبادئ الفالون دافا، بالإضافة إلى تجاربي في التعهّد. صرخت بدهشة: "طاقتكِ قويّة جدًّا عندما تتحدّثين! انظري، لقد اقشعرّ بدني". ولأنّها لم تكن قادرة على التدرّب مع المجموعة أيّام الثلاثاء، شجّعتها على البدء بدراسة الفا.
مفاجأة سارّة
في البداية، كنت قلقة من أن يكون ردّ فعل "بيانيت" سلبيًّا على تذكيري لها. لكنّها بادرت فجأةً بالبحث عنّي قبل مغادرة العمل، وأخبرتني أنّني أذكّرها بأمّ حنونة، ولكن حازمة - شخص يجعلها تشعر بالتقدير وبأنّ لديها سند.
خلال عطلة نهاية الأسبوع، اتّصلتُ بريتا لأذكّرها بألا تركّز في دراستها للفا فقط على فصولها المفضّلة. قالت إنّها شعرت بالإرهاق، لذلك اعتقدتُ أنّ هذا ليس الوقت المناسب للحديث عن الأمر والإلحاح عليها. لكن عندما رأيتها يوم الاثنين، فوجئت ببشرتها المتوهّجة والمشرقة. في أعماق قلبي، عرفت أنّها بدأت ممارسة الفالون دافا.
وبالفعل، أخبرتني بحماس أنّها بعد حديثنا، بدأت بقراءة كتاب جوان فالون على الإنترنت. في اليوم التالي، كانت في حفلة، ولاحظ أصدقاؤها التغيير الإيجابي على مظهرها. لم تكن قد قرأت سوى بضع فقرات، لكنّها شعرت بالهدوء والسكينة في داخلها.
شجّعتها على الانضمام إلى مجموعة دراسة الفا في عطلات نهاية الأسبوع، وأن تُردّد في قلبها: "فالون دافا جيّدة والحقّ ـ الرّحمة ـ الصّبر مبادئ جيّدة". بعد الانتهاء من الدراسة في ذلك اليوم، قالت إنّها شعرت بطاقة هائلة أثناء التأمّل. أثناء دراستها للمحاضرة الثانية، شعرت بتجمّع الطاقة في موضع العين الثالثة.
بعد دراسة الفا لفترة، تحسّنت شخصيّة ريتا الأخلاقيّة، وأصبحت علاقتها بزوجها أكثر انسجامًا. ازداد دعمه لها. عندما رُفض طلب تأشيرة سفر ريتا هذا العام، قالت بهدوء: "لقد حصلت على الفا، وسأترك الأمور تأخذ مجراها".
الّذين يتعلّمون الحقيقة يُباركون
بدأ المزيد والمزيد من الناس بملاحظة التغييرات الإيجابيّة في ريتا وبيانيت. تدريجيًّا، انضمّ إلينا زملاؤهما وعائلاتهما وأصدقاؤهما إلى دراسة الفا وممارسة التمارين. تعافى البعض من آلام الظهر، بينما شعر آخرون بتحسّن من ارتفاع ضغط الدم وارتفاع سكر الدم. في وقت قصير، انضمّ ما بين أربعين إلى خمسين شخصًا إلى هذه الممارسة. وفي النهاية، بادرت حتى قيادة العمل بتخصيص غرفة للقيام بالتمارين داخل الشركة.
أُدرك تمامًا أنّ هذا ليس بفضل قوّتي الذاتية، بل بفضل رحمة الدافا وقدرتها على إنقاذ الكائنات الواعية. فالبذور التي تُزرع بنوايا حسنة ستتجذر دائمًا، وتنبت، وتزدهر، وتؤتي ثمارها في الوقت المناسب. أشعر أنّني محظوظةٌ حقًا لأنّني شهدت كلّ هذا عن كثب، بفضل تدبير المعلّم وبركته، وأتأثر بشدّة برحمة الدافا وجلالها.
بالنظر إلى هذه التجربة، لديّ رؤيتان وبعدان من الفهم المكتسب:
القوّة الحقيقيّة تنبع من القانون الأعظم نفسه. قبل أربع سنوات، كنتُ أنتهز كلّ فرصة لأُخبر الناس بالحقيقة، وكثيرًا ما كنتُ أتحدّث حتى يُبَحّ صوتي. ومع ذلك، ظلّ المستمعون غير متأثّرين أو غير راغبين في قبولها.
أمّا الآن، فأنا أُخاطب الآخرين بصدقٍ حقيقيّ: "فالون دافا جيّدة، والحقّ ـ الرّحمة ـ الصّبر مبادئ جيّدة". ونتيجةً لذلك، تقدّم الناس الواحد تلو الآخر، مُلهمين لبدء طريق التعهّد. لقد أدركتُ أنّ توضيح الحقيقة لا يعتمد على البلاغة والمهارة، بل على قوّة الدافا نفسها.
والأمر الثاني هو أنّ الإخلاص في التعهّد أمرٌ أساسيّ. سواء بدأتَ بدراسة الفا أو بممارسة التمارين، فإنّ القلب الصادق يُمكّن عجائب الدافا من أن تتجلّى. حتّى لو مارستَ التمارين بشكلٍ غير مُتقن أو واجهتَ صعوبةً في تنسيق الحركات في البداية، فإنّ الفائدة ستظهر. تتجاوز قوّة الدافا الظروف السطحيّة. ما دمتَ راغبًا في التعلّم، سيحدث التحوّل.
المقالات التي يشارك فيها الممارسون فهمهم عادةً ما تعكسُ إدراك الفرد في مرحلة زمنيّة معيّنة بناءً على حالة تعهّده، وتُقدّم بهدف الارتقاء سويّة.
حقوق النشر © ١٩٩٩-٢٠٢٥ Minghui.org. جميع الحقوق محفوظة.