(Minghui.org) عنوان مشاركتي هو اقتباس من كتاب جوان فالون. في سنواتي العديدة من التعهّد، توصّلت إلى الفهم التالي: ممارسة الحقّ [جين] أمر سهل. عندما تتحدّث مع الأشخاص الطيّبين، فقط قُلْ لهم الحقيقة. أمّا بالنسبة للأشخاص السيّئين، فقط قُلْ ما تريد دون خوف من أن ينزعجوا. يتطلّب امتلاك الرّحمة [شان] المزيد من رحابة الصدر و الأخذ بالحسبان مراعاة الآخرين . بينما بالنسبة للصّبر، يبدو لي أنّ الصّبر [رن] أكثر صعوبة، سَواء كان للأشخاص العاديين أو الممارسين على حدٍّ سواء. فهمي هو أنّ الصّبر من أهمّ الأمور بالنسبة لممارسي الفالون دافا.
لقد تَمحوَرتْ معظم الأحداث في حياتي حول ممارسة الصّبر. معظم الناس لا يتمكنون من استيعاب أسلوبي في هذه المواقف، حتّى بعض الممارسين كذلك. ومع ذلك، عندما أستمع إلى حدْسي، تسير الأمور بشكل جيّد.
"يحاول الآخرون - الناس العاديّين منهم والممارسين - إقناعي بأن أتعامل مع الأمور بشكل مختلف. إنّهم لا يفهمونني ويظنّ الجميع أنّني أتعرّض للاستغلال. لكنّني غالبًا ما أتذكّر ما قاله المعلّم في جوان فالون:
" بعضهم يقول أنّك جيّد، ولكنك لستَ بالضّرورة جيّدًا حقـّا؛ وبعضهم يقول أنك سيّئ، ولكنك لستَ بالضّرورة سيّئًا حقـّا، لأنّ مقياس تقييم الخير والشّر أصبح مغلوطـًا." (المحاضرة الرابعة، جوان فالون)
قبل بضع سنوات، كان هناك رجل يغار بشدّة منّي بشأن مهمّةٍ كانت موكلة لي في إحدى شؤون العمل. وصل إلى نقطة الغليان وفي إحدى الليالي عندما علم أنّني كنت في منزل أحد الزبائن وكان المكان مليء بالناس. طرق الباب، ولم يقل أي شيء، لكنّه اندفع نحوي. كان رجلاً ضخمًا جدًا.
في ذلك اليوم، أدركت تمامًا ما سيحدث بعد ذلك. رأيته قادمًا وعرفت أنّه يتعيّن عليّ فقط تركه يفعل ما يشعر أنّه بحاجة إلى فعله. رفعني بيد واحدة وبدأ في لكمي مرارًا وتكرارًا. ثم جرّني إلى الخارج وبدأ في خنقي لدرجة أنّني لم أستطع التنفّس. ولكنّني لم أفعل شيئًا.
يومها هرع أهل المنزل لمساعدتي، بل وفعل ذلك أهالي الحيّ بأكملهم. نجحوا في إبعاده عنّي وفي النهاية تمّ إدخاله إلى السجن. وحتى يومنا هذا، كل من شهد ما حدث أعجب بكيفيّة تعاملي مع الموقف وأصبح مستعدًا لفعل أي شيء من أجلي. حتّى أنّني دفعت ثمن الكفالة لإخراج الرجل من السجن حتى يتمكّن من حضور عيد ميلاد ابنه. لقد أصبحنا أنا وهو صديقين جيّديْن الآن وهو يحترمني كثيرًا.
هناك تجربة أخرى صادمة بشكلٍ أو بآخر. أروي هذه التجربة بالذات لأن ما حصل في النهاية يستحقّ أن يروى.
في عام ٢٠١٧، قررنا أنا وزوجتي السابقة أن نتبنى طفلاً. كان لديها أربعة أطفال، لكنّنا اخترنا هذا النهج لأسباب عديدة. كنت أعلم أنّه سيكون صعبًا لأنّنا اخترنا تبنّي طفل أكبر سنًا، من دار أيتام في كولومبيا في أمريكا الجنوبيّة.
لقد فوجئت بأنّ الجزء الأصعب كان زوجتي. لقد أصبحت مهووسة بهذا الصبي، وحتى أطفالها لاحظوا ذلك. بدا أنّها كانت تشعر بالكثير من التعاطف معه ومع ما مرّ به، لكنّها تمادت في ذلك. أصبح كلّ شيء يدور حوله. كان أطفالها يشعرون بالغيرة منه وكنت أشعر بالرغبة في الشجار معها.
كان يقول باستمرار إنّه خائفٌ ويريد شخصًا ينام معه. بالطبع أصرّت زوجتي على النّوم معه. حاولت منعها لكنّني فشلت. كانت هذه هي المرّة الأولى التي تحدّتني فيها حقًا وكنت أرغب في الشجار معها.
بدأت تقضي كلّ وقت فراغها معه. حتّى أنّها ذهبت في إجازة معه وتركت أطفالها معي. توسّل أطفالها إليها لوقف كلّ هذا السلوك الغريب لأنّه كان يؤثّر عليهم أيضًا. في كل مرّة نختلف فيها، كانت تجعلني أشعر وكأنّني لم أكن متعاطف مع الخلفية المؤلمة لابننا و حالته. شعرت وكأنني بدأت أفقد عقلي وأصبت بحالة صحيّة غريبة حيث كنت أشعر كلّ ليلة أنّني أكاد أن أموت بنوبة قلبيّة. لازمتني هذه الأعراض لأكثر من أربع سنوات وكان سببها على الأغلب استيائي وعدم معرفتي كيف أتعامل مع الأمور وغضبي الشديد.
بعد ثمانية عشر شهرًا مليئة بالتوتّر والعديد من الخلافات، بدأ ابني ذات يوم في الصراخ عليّ عندما قمت بتوبيخه بسبب الكذب. تصاعد الأمر إلى الحدّ الذي هاجمني فيه ودخلنا في مشادّة جسدية. بالطبع ألقت زوجتي اللوم عليّ. أخذتْ الأطفال وغادرت لعدّة أيّام. قلت لها أنْ تعود إلى المنزل وأنّني سأغادر. وبسبب هذه الحادثة انفصلنا رسميًّا.
حاولنا إصلاح علاقتنا خلال العام الذي انفصلنا فيه، وفي النهاية عدت للعيش معها من جديد. لكنْ الأمور أصبحت أسوأ من ذي قبل. شعرت وكأنّني أصاب بالجنون وكان الوضع سيّئًا للجميع. كان الأمر سيّئًا لدرجة أنّ ابنة زوجتي الصغرى انتقلت للعيش مع أختها الكبرى. أمّا أنا فتركت المنزل من جديد في ٣٠ أبريل ٢٠٢٠، قبل الإغلاق العامّ بسبب جائحة كورونا مباشرة. بعد أيّام فقدت وظيفتي وعشت وحدي في شقّة قذرة بعيدًا عن عائلتي. بسبب الوباء لم أستطع مغادرة المنزل وشعرت وكأنّني أفقد عقلي.
بعد مرور عام على هذا الوضع المنعزل، تمّ تشخيص والدتي بسرطان الرئة في مرحلته الأخيرة. قرّرت الانتقال إلى فلوريدا لرعايتها. قبل ذلك، انتقلت زوجتي السابقة والأطفال أيضًا إلى جزء آخر من فلوريدا لأسباب ليست ذات صلة. حينها كانت مشاعري تجاهها وتجاه أطفالها قد خفّت بسبب الألم والارتباك في قلبي. كانت غاضبة جدًا لأنّني ابتعدت عنها رغم أنّنا كنا مطلّقين رسميًا بحلول ذلك الوقت، وكان ذلك قرارها.
بعد سبعة أشهر، تدهورت صحّة والدتي بشكل أكبر وكنت حزيناً للغاية. في هذه المرحلة، مرّت أربع سنوات منذ المشاجرة مع ابني وانفصالي الأوّل عن زوجتي. اتصل بي ابني، الذي لم أتحدث معه منذ فترة طويلة جدًا، ليخبرني بأنه يفتقدني. فكّرت أنّ الطريقة الوحيدة لتجاوز هذه المشكلة هي التعامل مع الأمر بنبل وكرامة ومسامحته حقًا. اتّفقنا على الالتقاء في أورلاندو. كان اللقاء جيّدًا وعاطفيًا للغاية وقرّرنا البقاء على اتّصال. بعد أسابيع تُوفّيت والدتي.
بعد ثلاثة أسابيع من وفاة والدتي، اتّصلت بي زوجتي السابقة لتخبرني أنّها يجب أنْ تقول لي شيئاً ما. بدت منزعجة للغاية وتحدّثنا لبعض الوقت. خلال تلك المكالمة الهاتفيّة اعترفت أخيرًا بأنّها كانت على علاقة غراميّة مع ابننا الذي قمنا بتبنّيه. كان كلّ الغضب الذي كانت تشعر به تجاهي من قبل مجرّد قناع لإخفاء هذا السرّ. كانت في حالة انهيار عاطفي وقالت أنّها شعرت أنّها بحاجة إلى الاعتراف لي.
على الرّغم من مدى الألم الذي شعرت به عند سماع ذلك، إلّا أنّ هذا كان بالضبط ما كنت بحاجة إلى سماعه. كان هذا يعني أنّني لم أكن مجنونًا بعد كلّ شيءٍ، وأنّني كنت على حقّ في محاولة إيقاف ما شعرت أنّه سلوك غير لائق. حرّرني اعترافها أخيرًا وتمكّنت من التخلّي عن كلّ شيء. لقد جعلتني عمدًا أعتقد أنّني أصبحت مجنونًا وأبقتني في تلك الحالة لسنوات. لم أكن مجنونًا - كنت أعرف غريزيًا أنّ هناك شيئًا خاطئًا يحصل في الخفاء. بعد ذلك اختفى غضبي تجاه العائلة تدريجيّاً. تمكّنت من التخلّي عن كلّ التعلقات وبدأت في المسامحة. تمكّنت من التحدّث إلى زوجتي السابقة وأطفالها الذين لم يبتعدوا عنّي أبدًا وأبقوني دائمًا في قلوبهم، وحتّى ابني بالتبنّي.
مع نموّ العلاقات من جديد خلال عامين من تلك المحادثة، قمت بإعادة بناء علاقتي مع ابني بالتبني وأبناء زوجتي وأحفادي. أصبحت أزورهم كلما سنحت لي الفرصة. لقد غفرت لزوجتي السابقة خطأها وأصبحنا قادرين على التحدّث من جديد. حتّى أنّه يمكنني القول أنّنا أصبحنا أصدقاء الآن. كلّ ما كنت أحتاجه هو الحقيقة. لقد تعرّضت لكلّ هذه المشاكل لأنّ ضعفي كان نابعًا من الحيرة والشكّ في نفسي. لاحقاً طلب مني ابني مساعدته في شراء على سيّارة ووافقت. لقد واجه بعض المشاكل الماليّة وتمكّنت بسهولة من إيجاد متسعاً في قلبي لمساعدته. وهو الآن يردّ لي الجميل لأنّه حلّ أزمته الماليّة. أصبحنا نتحدّث كثيرًا.
ليس لديّ أيّ مشاعر سيّئة تجاه أيٍّ من هؤلاء الأشخاص وقلبي خفيف للغاية. وبسبب بعض اختياراتي الصحيحة، فإنّ زوجتي السابقة وأولاد زوجتي وأحفادي وابني، جميعهم يحبّونني ويحترمونني كثيرًا. إنّهم دائمًا يحرصون أنّني بخير وسيفعلون أيّ شيء لمساعدتي.
لقد شهدت حياتي العديد من المواقف المشابهة، بعضها أكثر تطرّفًا مما شاركته هنا. أعتقد أن هذا يعود إلى أن لدي الكثير من الكارما التي كنت بحاجة إلى التخلّص منها.
في كثير من الأحيان عندما أتعثّر في مشكلة ما، أعود إلى كتاب الفالون غونغ للحصول على مفهوم مختلف. يقول المعلّم،
"نحن نشدّد على "رن" أي القدرة على الصّبر، لأنّه فقط مع الصّبر يمكن للإنسان أنْ يرتقي ليصبح ذا فضيلة عظيمة. الصّبر شيء عظيم جدّا يتجاوز الحقّ والرّحمة. طوال مسيرة ارتقائكم وتعهّدكم، سيتحتّم عليكم أنْ تتحلّوا بالصّبر، أن ترعوا وتراقبوا الشينشينغ لديكم، وأن تتعلّموا أنْ تضبطوا أنفسكم." (الفصل الثالث، الفالون غونغ)
أحد آخر الأشياء الذي يخبرنا به المعلّم في كتاب جوان فالون هو:
"كُنْ قادرًا على تحمّـل ما هُو صعبٌ تحمّـلـُهُ، وقادرًا على فعل ما هُو صعبٌ فعلـُهُ." (المحاضرة التاسعة، جوان فالون)
عندما نتخلّى عن الأنانيّة البشرية، يُمكننا حقًّا القيام بالمستحيل وتحمّل ما لا يمكن تحمّله.
هذا مستوى فهمي. يرجى الإشارة إلى أيّ شيء تلاحظوه لا يتوافق مع الفا. شكرًا لكم للسماح لي بالمشاركة.
(تم تقديمه سنة ٢٠٢٤ في مؤتمر الفا في فلوريدا)